شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
تفاسير سور من القرآن
67152 مشاهدة
تفسير قوله: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا

...............................................................................


وَكُلُوا وَاشْرَبُوا نزل قوله: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا في بعض العرب. قال بعض العرب: كان بنو عامر بن صعصعة إذا أحرموا بالحج لا يأكلون الودك، ولا يشربون من ألبان الغنم، ولا مما خرج من لحومها، فحرموا على أنفسهم بعض الطيبات من الدسم، كالودك بعضهم يحرم شرب اللبن، واللحم.
كذا أمروا أيضا ألا يحرموا هذه الطيبات التي أحل الله، كما قال لهم: البسوا الثياب ولا تتجردوا في الإحرام، فكذلك كلوا طيبات الرزق، ولا تحرموها على أنفسكم؛ أي وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حتى ولو كان من الودك، ولو كان من اللبن، مما يحرمه الجاهلية.
لأن الجاهلية كانوا في الموسم بعضهم يحرم على نفسه الدسم، وبعضهم يحرم شرب اللبن واللحوم، يزعمون أن هذا أتم لحجهم، وأنه أرضى لله؛ فقال الله فيهم: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا ولا تحرموا شيئا من طيبات الله؛ لأن ذلك تشريع الشيطان ككشف العورات.
وهذا يدل على أن الإنسان لا ينبغي له أن يحرم شيئا حلله الله، كما قدمنا في سورة المائدة في قوله: لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا وعليه فليس للإنسان أن يقول: هذا الطعام، أو هذا الشراب حرام علي، فإن حرم على نفسه حلالا كطعام أو شراب، فإنه لا يحرم عليه.
وبعض العلماء يقول: تلزمه في تحريم الحلال كفارة يمين، ومالك وأصحابه قالوا: إن لم يكن الذي حرمه حلالا غير الزوجة والأمة لا تلزمه يمين، ولا يلزمه شيء؛ فحجة من قال: إنه تلزمه يمين أن الله لما قال لنبينا صلى الله عليه وسلم، وهو قدوتنا صلوات الله وسلامه عليه: لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ وأصح الروايات أنه العسل، وإن جاء في روايات أخرى أنه جاريته، قال الله له بعد تحريم هذا الحلال: قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ فعلم أن في تحريم الحلال كفارة يمين؛ لأن تحلة اليمين هي كفارته، وذلك يدل على أن فيه كفارة يمين، خلافا لمالك وأصحابه.